سورة الزلزلة
بسم الله الرحمن الرحيم :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هذه سورة الزلزلة جاء في حديثين أن قراءتها في ليلة تعدل قراءة نصف القرآن، وهذان الحديثان ننبه عليهما، وأنهما حديثان ضعيفان، لا يصحان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ذلك.
ولكن هذه سورة قد ذكر الله -جل وعلا- فيها ما يكون يوم القيامة، أو ذكر فيها شيئا مما يكون يوم القيامة، فقال جل وعلا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يعني: أن الأرض يوم القيامة ترجف وتضطرب اضطرابًا شديدًا.
الله -جل وعلا- خلق هذه الأرض، وأسكنها وجعلها مستقرة، فإذا جاء يوم القيامة فإن هذه الأرض تضطرب وترجف رجفًا شديدًا، وتميد بأهلها كما قال الله -جل وعلا-:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وقد تقدم بيان ذلك.
وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يعني: أن الإنسان إذا شاهد أهوال يوم القيامة، ورأى هذه الأرض ترجف رجفًا شديدًا، قد أخرجت ما في باطنها يقول مندهشًا: ما لها، أي شيء حدث لها؟ وهذا كما يحصل إذا حصل اضطراب في شيء من المخلوقات بسرعة، فإن الإنسان يتعجب من ذلك ويندهش ويقول: لماذا حدث؟ أو لأي شيء حدث هذا ؟
كذلك يوم القيامة لشدة الوقعة على الناس، وفزع القلوب، وقروع هذا الهول في قلوبهم، فإن الإنسان يقول: ما لها أي ما للأرض؟ وهذا يدل على شدة هذه الزلزلة، وعلى شدة الهول، كما قال الله -جل وعلا-:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
قال الله -جل وعلا-:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أي: يومئذ تخبر الأرض الناس أخبارها، يعني: تخرج الأخبار، قال كثير من السلف معناها: أن الأرض تخبر الناس بما عملوا عليها، تخبر كل إنسان بما عمل على هذه الأرض، وذلك من إنطاق الله -جل وعلا- لها؛ لأن الذي ينطق الجلود، وينطق الأسماع والأبصار والأيدي والأرجل يوم القيامة ينطق الأرض كذلك، فتخبر العباد بما فعلوا عليها.
وقد جاء في ذلك حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أنه قرأ هذه الآية، وقال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأرض تشهد على كل عبد وأمة بما عمل عليها، تقول: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ولكن هذا حديث -أيضًا- لا يثبت، ولا يصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه راو ضعيف، ولكن تفاسير السلف، أو أكثر السلف يدور تفسيرهم على هذا المعنى.
ثم قال جل وعلا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أي: تُظهر هذه الأخبار، بسبب أن الله -جل وعلا- أوحى لها أن تُظْهِر هذه الأخبار، وذلك يعود إلى مشيئة الله -جل وعلا- وقدرته، فلو لم يوح لها ويلهمها ذلك ما أخرجت أخبارها، ولكنه جل وعلا أوحى لها فأخرجت أخبارها لتشهد هذه الأرض على العبد بما عمل عليها.
فريق مُسْوَدَّة وجوههم، وفريق مُبْيَضَّة وجوههم، وفريق من أهل النار، وفريق من أهل الجنة، يصدرون إلى الموقف ليروا أعمالهم، فإذا رأوا أعمالهم أقيمت عليهم الحجة، كما قال الله -جل وعلا-:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
فكل عبد يوم القيامة يرى صحيفة عمله، فهم يصدرون إلى الموقف؛ ليروا ويطلعوا على أعمالهم، قال الله -جل وعلا-:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أي: من يعمل في هذه الدنيا مثقال ذرة خيرًا يره يوم القيامة، والذرة فُسِّرَتْ بأنها النملة، وفسرت بأنها الهباء الذي يكون في شعاع الشمس إذا دخلت من النافذة، وفسرت بأنها التراب الذي يلصق باليد بعد ضربها بالأرض.
ولكن هذه الذرة ليست هي أصغر شيء في الكون؛ لأن الله -جل وعلا- قال:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فدل على أن هناك شيئا دون الذرة، يسطره الله -جل وعلا- في الكتاب.
وفَرْقٌ بينهما؛ ولهذا المؤمن يوم القيام يحاسبه الله -جل وعلا- حسابًا يسيرًا، وهو العرض:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فيدنيه الله -جل وعلا- ويقرره بذنوبه ويقول: قد عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا. فيقر بذلك، ثم يقول له الله -جل وعلا-: قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
فالله -جل وعلا- أطلعه على عمله، وأراه عمله، ولكن الجزاء شيء آخر؛ ولهذا لا يَرِدُ على الآية الثانية ما ذكره بعض العلماء من أن الله -جل وعلا- هنا ذكر أنه يُطْلِع الكافر على سيئاته، مع أنه جل وعلا أخبر في آيات أخرى أن أعمالهم حابطة، وأنهم ليس لهم عليها حسنات كما قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] .
فهذا يدل على أن الكافر يقدم يوم القيامة، وليس له حسنة، والآية التي معنا تدل على أنه يطلع على حسنات، ومع هذا لا تعارض بينهما؛ لأن الله في الآية، قال:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَرَهُ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ولم يقل: يجازى عليه، فهو ينشر له صحفية عمله، ويطلع على حسناته وسيئاته، ولكن حسناته قد حبط ثوابها بكفره.
ثم إن حسناته قد كوفئ عليها في الدنيا، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الكفار يُجَازَوْن بما صنعوا من الحسنات في الدنيا بمثلها في الدنيا، لكن في الآخرة ليس لهم عند الله -جل وعلا- من نصيب. فقوله جل وعلا:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَرَهُ </A>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] هو الكافر يرى يوم القيامة ما عمل من خير وشر، ولكن عند الجزاء يحبط عمله؛ بكفره بالله جل وعلا.
ثم إن الله -جل وعلا- قد كافأه على حسناته بمثلها في الدنيا؛ لأن الكافر لا يرجو ثواب الله -جل وعلا- في الآخرة؛ فلهذا عجل له نصيبه في الدنيا؛ وإذا قدم على الله -جل وعلا- كان عمله حابطًا، والله -جل وعلا- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.